العلمانیة الجزئیة والعلمانیة الشاملة- عبدالوهاب المسیری- المجلد الأول-الطبعة الرابعة 2011-دار الشروق- القاهرة

*منذ ما یسمی "عصر النهضة" فی تاریخ الفکر الغربی ومعظم تعریفاتنا للظواهر الانسانیة تستند الی تعریفات الغرب وتجاربه. فنحن نستورد کثیراً من مصطلحاتنا من الغرب، وهو ما یبین ایماننا بمرکزیة الغرب وعالمیته. ص 59

*یوضح أرکون برنامجه الاصلاحی فی هذه الکلمات الحاسمة:"کل ما أطلبه، اذن، من اجل تصحیح العلمنة فی فرنسا هو ادخال تعلیم تاریخ الادیان فی الثانویات والجامعات، بصفتها انظمه ثقافیة کبری سیطرت علی البشریة الأوروبیة طوال قرون وقرون. عندئذ یمکن للأساتذة أن یشرحوا للطلاب النصوص الکلاسیکیة للأدب الفرنسی "....

أما بالنسبة للمجتمعات العربیة، فیقول أرکون:" کل ما أطلبه من أجل ادخال العلمنة الصحیحة فی المجتمعات العربیة والاسلامیة هو الغاء برامج التعلیم السائدة، والغاء الطریقة اللاتاریخیة والعقائدیة التبشیریة لتعلیم الدین فی المدارس العامة، واحلال تاریخ الدیان والانثروبولوجیا الدینیة محله. ثم تدریس تاریخ الأنظمة التیولوجیة بصفتها أنظمة ثقافیة، ولیس بصفتها أنظمة من الحقائق المطلقة التی تستبعد بعضها بعضاً، والتی تفرض نفسها علی الطالب المسلم أو المسیحی أو البوذی أو الیهودی منذ نعومة الظفر عندما لا یکون قادراً علی التسلح علمیاً تجاهها. وهذا ما یشجع الطائفیة ویرسخ الانقسام فی المجتمع المدنی أبدیاً". ص 78-79

*والتنمیط فی المنتجات الحضاریة یؤدی الی التنمیط فی اسلوب الحیاة العامة والخاصة، فیقضی الانسان حیاته فی سلسلة محکومة من روتین یومی منظم بمواعید دقیقه متتالیه معروفة مسبقا(نوم- انتقال- عملی آلی- وقت فراغ)، ثم یتم تنمیط حیاة الانسان نفسها. فالموضة، علی سبیل المثال، تؤدی الی أن الناس کافة یغیرون طراز ملابسهم من عام الی عام بحسب ما یصدر لهم من " أوامر" من باریس! ( أو غیرها من عواصم تصمیم الأزیاء). ویسارع الناس للاذعان، وکأنهم یذعنون لأحد قوانین الطبیعة/ المادة.. فاذا قال مصممو الازیاء ان الموضة هذا العام هو" الطویل"، قام الجمیع بتطویل ملابسهم، وان قالوا "قصیراً" سارع الجمیع بالتقصیر، وهکذا. ویذهب علماء الاجتماع الی ان عملیات التنمیط لیست مقصورة علی عالم الاشیاء البرانی وانما امتدت لتشمل عالم الانسان الجوانی، بحیث تم تنمیط احلام الانسان ورغباته وتطلعاته ورؤیته لنفسه وانماط سلوکه، وتمت المساواة بین المبشر والتسویة بینهم من الداخل والخارج. ص 142-143

*.. فإن رورتي يرى أن على المواطن أن يتمتع بخفة في الشأن الأخلاقي(بالانجليزية: لايت ماينديدنس Light mindedness)، ومن ثم يجب ألا نأخذ بشكل جاد كل ما يأخذه الآخرون كذلك. فالانبهار المفرط برؤية ما، يجعل من الصعب التسامح مع رؤى أخرى. ص 167

*وقد قال نيتشه:"إذا كان هناك إله، فماذا أكون أنا إذن؟!"، أي أنه يطالب بتأليه الإنسان. ص 178

*من أهم العوامل التي ساهمت في الثورة التجريدية التفكيكية تقسيم العمل. فلم يعد الإنسان يصنع شيئاً كاملاً متكاملاً، وإنما جزءاً من شيء ثم جزءاً من جزء، وهذا الجزء من الجزء هو قطعة نمطية ليست لها شخصية محددة. ومع تطور الصناعات، أدى تقسيم العمل إلى انعدام احساس الصانع بالهىف الانساني مما يصنعه. فالعامل الذي يقضي سحابة يومه يؤدي الحركة البدنية نفسها أمام خط التجميع، ويساهم في صنع رأس ىبوس أو جزء صغير من بطارية- لا یمکنه أن یشعر فی عمله هذا بأي نبل أو انسانية، فهو سيتحول بعد قليل إلى جزء من جزء. ص 211-112

*ولعل الاختلاف الوحيد بين النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي أن اليد الخفية تستخدم الاعلانات التلفزيونية (الخفية) لإقناع الجماهير، أما لجان الحزب فتستخدم الشرطة السرية(الخفية العلنية) لتطويع الجماهير. وبطبيعة الحال، ثمة فارق جوهري بين اعلانات التليفزيون(ذات الأثر الجواني) والشرطة السرية(ذات الأثر البراني). ص 310